أهمية الرحلة في تكوين الداعية ونشر الدعوة
أهمية الرحلة في تكوين الداعية ونشر الدعوة
توطئـــــــة:
للرحلة منزلة مهمة في تكوين الداعية إلى الله تعالى. وتكاد تكون رفيقه في جميع أطوار حياته الدعوية، ففي بداية تلقيه للعلم وتحصيله أي في مرحلة التكوين كانت تُعد أمراً لا مناص منه، وهي كذلك في الأزمنة الحاضرة إلا إن كثيراً من طلاب العلم استغني عنها بسبب سبل التواصل والاتصال الحديثة ولله الحمد والمنة؛ والرحلة كما كانت زاد الدعاة في مرحلة التكوين فهي أحد وسائله المهمة في مرحلة مباشرة الدعوة، وتبليغ الدين فهي رفيق الدعاة من قبل وبعد، والرحلة في طلب العلم قد جاء الحث عليها في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وآثار الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” بل وقام بها طائفة منهم؛ وكتب التراجم مليئة بالسير العطرة التي تبين عظيم مآثرهم النيرة العظيمة، وأما الرحلة للدعوة إلى الله فهي شقيقة الأولى وقد تكون أحد دواعيه فقد كانت أحد المعالم البارزة في نشر الدين، وفيما يلي بيان لأهمية الرحلة في طلب العلم بالنسبة للداعية، وأهميتها بعد تأهله وتحصيله ومن الله التوفيق والسداد.
* * *
الفرع الأول
أهمية رحلة الداعية في طلب العلم
توطئـــــــة:
تعد الرحلة من مؤهلات الدعاة ولوازم طريقتهم ومنهجهم في التحصيل، بل أصبحت معيار الحكم على المستوى العلمي للعالم والفقيه، وقد دون التاريخ سيراً ناصعة من بذل العلماء الصالحين الناصحين الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تحصيل العلم وتدوينه، فتجشموا لهذا قطع الفيافي والقفار، وواصلوا الليل بالنهار لا يرجون من ذلك متاعاً زائلاً، بل الغاية سامية عالية فهم يتطلعون إلى ما أعده الله من رفعة في الدارين لطلاب العلم والعلماء.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (1)
وقــــــــــــــال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (2).
وقال تعالى: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (3).
وقال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (4).
وقال تعالى :(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (5).
ففي هذه الآيات بين الله عز وجل مكانة العلم والعلماء وأما الأحاديث الواردة في ذلك فكثيرة فعن معاوية بن أبي سفيان “رضي الله عنه” أن رسول الله ﷺ قال: (( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) “(6).
قال أبو محمد الأندلسي: يترتب على هذا من الفقه أن مَنْ منَّ عليه بأحد هذين الوجهين فليستبشر بالخير العظيم والفضل العميم، إذ إن الرسول ﷺ قد جعل ذلك علامة على من أراده الله للخير ويسره إليه، وكيف لا تحق لهم البشارة وبهم يرسل الله الغيث ويرفع الجدب ويرحم البلاد والعباد (7).
وقال ﷺ (( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إلى الْجَنَّةِ )) (8).
قال الإمام النووي ـــ رحمه الله ــــــ : “وفيه فضل المشي في طلب العلم، ويلزم من ذلك الاشتغال بالعلم الشرعي بشرط أن يقصد به وجه الله تعالى” (9).
وعن ابن مسعود “رضي الله عنه” قــــــــــال: قــــــــــال رسول الله ﷺ: (( لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ فـــــي الحَقَّ ورَجُلٌ آتَــــــاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها وَ يُعَلِمُّها )) (10).
-
رحلة الصحابة “رضي الله عنهم” في طلب العلم:
رحل كثير من الصحابة “رضي الله عنهم” في طلب العلم وكانوا يقطعون المسافات الواسعة رغبة في التزود من مشكاة النبوة؛ فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي وَلَا أَخْبَرْتِنِي فَرَكِبَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ فَقالَ رَسُـولُ اللَّهِ ﷺ: ((كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ))” (11).
وكما أن الحديث السابق في بابٍ أسماه الإمام البخاري الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله، فقد عقد في صحيحه في كتاب العلم باباً أسماه ” باب الخروج في طلب العلم – ورحل جابر ابن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد” (12).
يشير بهذا إلى حديث أخرجه المصنف في الأدب المفرد وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله “رضي الله عنه” يقول : “بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله ﷺ فاشتريت بعيراً ثم شددت رحلي فسرت إليه شهراً حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس “رضي الله عنه”، فقلت للبواب : قل له جابر على الباب . فقال : ابن عبد الله ؟ قلت : نعم . فخرج فاعتقني . فقلت : حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله ﷺ فخشيت أن أموت قبل أن أسمعه . فقـــال : سمعـــت رســول الله ﷺ يقـــول : يحشـــر الله النـــاس يــوم القيامة عـــراة فذكر الحديث … وأخرج الخطيب عن أبي العالية ـــ رحمه الله ــــــ قال : كنا نسمع عن أصحاب رسول الله ﷺ فلا نرضى حتى خرجنا إليهم فسمعنا منهم. وقيل لأحمد : رجل يطلب العلم يلزم رجلا عنده علم كثير، أو يرحل ؟ قال : يرحل، يكتب عن علماء الأمصار، فيشافه الناس ويتعلم منهم . وفيه ما كان عليه الصحابة “رضي الله عنهم” من الحرص على تحصيل السنن النبوية . وفيه جواز اعتناق القادم حيث لا تحصل الريبة” (13).
وجاء عند أحمد في مسنده أن الصحابي الجليل أبا أيوب الأنصاري “رضي الله عنه” خرج إلي عقبة ابن عامر “رضي الله عنه”، من الشام إلي مصر ليسمع حديثاً خشي أن يموت قبل أن يسمعه (14) .
وقد ساق الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه (الرحلة في طلب الحديث) العديد من أخبار الصحابة “رضي الله عنهم” الذين رحلوا في طلب الحديث الواحد.
وكان الصحابة “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة يحثون التابعين على طلب العلم وعلى الرحلة من أجله فعن عبد الله بن سلمة ــــ رحمه الله ــــ قال:” جاء رجل إلى معاذ “رضي الله عنه” فجعل يبكي، فقال: ما يبكيك، فقال: والله ما أبكي لقرابة بيني وبينك ولا لدنيا كنت أصيبها منك ولكن كنت أصيب منك علماً فأخاف أن يكون قد انقطع، قال: فلا تبك فإنه من يرد العلم والإيمان يؤته الله تعالى كما آتى إبراهيم عليه السلام ولم يكن يومئذ علم ولا إيمان” (15)
-
مكانة الرحلة في طلب العلم عند الدعاة:
استدل الإمام حماد بن سلمة ـــ رحمه الله ــــ بقول الله تعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (16).
على الرحلة في طلب العلم … “فهذا في كل من رحل في طلب العلم والفقه ورجع به إلى من وراءه فعلمه إياه” (17).
قال القرطبي ـــــــ رحمه الله ـــــــ في تفسير قوله تعالى: (وَإِذْقَالَمُوسَىٰلِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا)(18).
“في هذا من الفقه رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم، والاستعانة على ذلك بالخادم والصاحب، واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم، وذلك كان في دأب السلف الصالح، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح، فرسخت لهم في العلوم أقدام، وصح لهم من الذكر والأجر والفضل أفضل الأقسام” (19).
قال الخطيبُ البغدادي ـــــ رحمه الله ـــــ : “قال بعض أهل العلم: إن فيما عاناه موسى من الدَّأبِ والسفر والصبر عليه من التواضع والخضوع للخضر بعد معاناةِ قصده مع محلِّ موسى من الله وموضعه من كرامته وشرف نبوته دلالةٌ على ارتفاع قدر العلم وعلو منزلة أهله، وحسنِ التواضع لمن يُلتمسُ منه ويُؤخذُ عنه، ولو ارتفع عن التواضع لمخلوق أحد بارتفاع درجة وسمو منزلة لسبق إلى ذلك موسى، فلما أظهر الجدَّ والاجتهاد والانزعاجِ عن الوطن والحرص على الاستفادة مع الاعتراف بالحاجة إلى أن يصل من العلم إلى ما هو غائب عنه دل على أنه ليس في الخلق من يعلو على هذه الحال ولا يكبر عنها” (20).
قال ابن القيم ـــــ رحمه الله ــــ : ” إن الله سبحانه أخبرنا عن صفيه وكليمه الذي كتب له التوراة بيده وكلمه منه اليه انه رحل الى رجل عالم يتعلم منه ويزداد علماً إلى علمه” (21).
لقد كانت الرحلة في طلب العلم أحد أهم المعالم البارزة في تكوين الدعاة الذين يريدون أن يدعو إلى الله على بصيرة كما أمر الله النبي ﷺ وأتباعه بقوله: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (22).
” فنشأ من ذلك هذه الرحلات الواسعة، والأسفار الشاسعة والسنوات الطوال تقضي من أعمار هؤلاء الراحلين، بعيدين عن الأهل والولد، والزوجة والبلد، متفرغين لتلقي العلم ولقاء العلماء، ومشافهتهم ومشامتهم وتعرف ما عندهم، والانتساب إليهم، والاغتراف من معينهم …وقد صارت هذه الرحلات لدى العلماء السابقين جزءاً أصيلاً من حياتهم العلمية، ورحل العلماء من أهل كل علم، فرحل المفسر والمحدث، والفقيه والأصولي، واللغوي، والنحوي، والأديب، والمؤرخ، والزاهد، والعابد، والشاب، والشيخ، والكبير، والصغير، والوليد ! رَحَلُوا ورحَّلُوا معهم الوليد الذي دون أربع سنين أو ما فوقها، كما تراه في تراجم كثير من العلماء الكبار” (23).
“ومن لم يكنْ رُحْلَةً لن يكونَ رُحَلَةً. فمن لم يرحل في طلب العلم، للبحث عنِ الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعد تأهله ليرحل إليه، لأنَّ هؤلاء العلماء الذين مضى وقت في تعلمهم، وتعليمهم، والتلقي عنهم: لديهم من التحريرات، والضبط، والنُّكات العلمية، والتجارب، ما يعز الوقوف عليه أو على نظائرِه في بطون الأسفار” (24).
“والاصطلاحات أيضا في تعليم العلوم مختلطة على المتعلم، حتى لقد يظن كثير منهم أنها جزء من العلم، ولا يدفع عنه ذلك إلا مباشرته لاختلاف الطرق فيها من المعلمين، فلقاء أهل العلوم وتعدد المشايخ يفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها، فيجرد العلم عنها، ويعلم أنها أنحاء تعليم وطرق توصيل، وتنهض قواه إلى الرسوخ والاستحكام في الملكات، ويصحح معارفه، ويميزها عن سواها، مع تقوية ملكته بالمباشرة والتلقين وكثرتهما من المشيخة عند تعددهم وتنوعهم، وهذا لمن يسر الله عليه العلم والهداية. فالرحلة لابد منها في طلب العلم لاكتساب الفوائــد والكمال، بلقاء المشايخ ومباشرة الرجـال (وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (25).
لقد زهد طلاب العلم اليوم في هذه السنة العظيمة فنتج عن ذلك جيل لا يرتقي لعلم وسعة سلفنا الصالح الذي كابد الصعاب وتحمل المشاق سعياً وراء حديث واحد أو لقاء شيخ أو التعرف على مسألة.
وعندما يوازن طالب العلم بين ” الدراسة التي أثمرتها هذه الرحلات التي عركت الطلاب الراحلين عركا طويلا، وبين دراسة طلاب جامعاتنا اليوم! يدرسون فيها أربع سنوات، وأغلبهم يدرسون دراسة صحفية فردية، لا حضور ولا سماع، ولا مناقشة ولا اقتناع، ولا تطاعم في الأخلاق ولا تأسي، ولا تصحيح لأخطائهم ولا تصويب، ولا تشذيب لمسالكهم، ويتسقطون المباحث المظنونة السؤال من مقرراتهم ـــــ المختصرة ـــــ، ثم يسعون إلى تلخيص تلك المقررات، ثم يسعون إلى إسقاط البحوث غير الهامة من المقروءات، بتلطفهم وتملقهم لبعض الأساتذة فيجدون ما يسرهم وإن كان يضرهم، وبذلك يفرحون. وبعد ذلك يتعالون بضخامة الألقاب، مع فراغ الوطاب، ويوسعون الدعاوي العريضة، ويجهّلون العلماء الأصلاء بآرائهم الهشة البتراء، وينصرون الأقوال الشاذة لتجانسها مع عملهم وفهمهم، ويناهضون القواعد المستقرة والأصول الراسخة المتوارثة، ولم يقعدوا مقاعد العلم والعلماء، ولم يتذوقوا بَصَارةَ التحصيل عند القدماء! ولكنهم عند أنفسهم أعلم من السابقين!! ” (26).
* * *
الفرع الثاني
أهمية الرحلة في الدعوة إلى الله
توطئـــــــة:
تأتي أهمية الرحلة في الدعوة إلى الله بعد ما يحط الداعية رحله من سلسلة الرحلات الطويلة التي قضاها في طلب العلم؛ والرحلة لأجل الدعوة هي مهمة الدعاة وإلا من يكون لهذا الأمر إن هم تركوه وكتب السير والتراجم والطبقات والتاريخ حافلة ببيان المسيرة العطرة للدعاة المصلحين من الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.
لقد استشعر السلف الصالح أهمية طلب العلم والرحلة لأجله، وكما جاءت النصوص الكثيرة حاثةً على تعلم الدين وأحكامه كذلك جاءت بالتحذير من كتمان العلم وحاضةً على تبليغه قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (27) .
قوله : ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ قيل : المراد بهذه الآية علماء اليهود، لأنهم كتموا ما أنزل الله في التوراة من صفة محمد ﷺ … وهذا السبب وإن كان خاصا فالاعتبار بعموم اللفظ، وهو يشمل كل من كتم ما شرعه الله، وأخذ عليه الرشا، وذكر البطون دلالة وتأكيداً أن هذا الأكل حقيقة، إذ قد يستعمل مجازاً في مثل : أكل فلان أرضي، ونحوه (28).
-
اهتمام الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” بالرحلات الدعوية:
كان الصحابة “رضي الله عنهم” يفدون إلى رسول الله ﷺ فيسلمون ويتعلمون مبادئ الدين وأصوله في أيام قلائل ثم يرحلون إلى أقوامهم معلمين وداعين إلى الله على بصيرة .
من هؤلاء عروة بن مسعود الثقفي “رضي الله عنه” الذي تبع رسول الله ﷺ لما انصرف إلى الطائف فأدركه قبل أن يصل إلى المدينة فأسلم وسأل رسول الله ﷺ أن يرجع إلى قومه بالإسلام، وبالرغم من تحذير الرسول ﷺ له بقوله : ((إن فعلت فإنّهم قاتلوك)) إلا إنه “رضي الله عنه” آثر ما عند الله فقال “رضي الله عنه”: يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبصارهم ، وكان فيهم محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام، فأظهر دينه رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على قومه وقد دعاهم إلى دينه رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله. وكان قد قيل لعروة “رضي الله عنه” قبل موته: ما ترى في دمك؟ فلم يكن جوابه “رضي الله عنه” إلا الرغبة فيما أعده الله للدعاة الذين نالهم من دعوتهم الأذى في سبيل الله، قال “رضي الله عنه” : كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله ﷺ قبل أن يرتحل عنكم (29).
” وكان ﷺ يبعث رسله يتفرقون في شتى الجهات، وخاصة في جنوب الجزيرة العربية لتعليم الناس مبادئ الإسلام و أحكامه، فقد انتشر أمر الإسلام في الجزيرة في مختلف أطرافها، وأصبحت الحاجة داعية إلى معلمين ودعاة ومرشدين يشرحون للناس حقائق الإسلام، حتى يستقر في قلوبهم بعد أن انتشر في ربوعه” (30) .
لقد اجتمع في الصحابة “رضي الله عنهم” الذين بعثهم النبي ﷺ دعاة صفات أهلتهم لأن يكونوا ممثلين له ﷺ في الدعوة إلى الله فقد كانوا أقوياء أشداء في الحق، حكماء في الدعوة، صبروا على البلاء وتعاملوا مع كافة المواقف التي تعرضوا لها بالحكمة والدهاء، فلم يعرف مصعب بن عمير “رضي الله عنه” الانفعال في مواجهة التعنت والإيذاء، بل كانت الرقة والسماحة والصبر منهجه مع الصغراء قبل الكبراء.
” ولم يفقد جعفر “رضي الله عنه” رباطة جأشـــه حينـما رأى وفـــد قريـــش يجلســـون مع النجاشي، ويوجهون له الأسئلـــة في تحـــدٍ واستفــــزاز، وإنمـــا كان متخلقاً بخلق الإسلام” (31).
“لقد كان إرسال الدعاة إلى شتى أنحاء الأرض في جزيرة العرب المظهر الواضح للرحلة لنشر الإيمان والعلم، لأن مهمة هؤلاء كانت واضحة، ألا وهي نشر العلم الذي جاء به رسول الله ﷺ من عند الله تعالى من الدعوة إلى الله وتوحيده، ومن التشريع الرباني الذي جاء به الإسلام لينظم كافة مناحي الحياة الفردية” (32).
“إن أهم ما ينبغي على المسلم أن يفهمه من أمر هؤلاء الرسل و أمثالهم الذين بعثهم رسول الله ﷺ لأمر الدعوة إلى الإسلام وتعليم مبادئ الإسلام وأحكامه ؛أن مسئولية الإسلام في أعناق المسلمين جميعاً في كل عصر وزمن وليست من السهولة و اليسر كما يتصور معظمهم اليوم، فلا يكفي أن ندعى الإسلام بألسنتنا المجردة، كما لا يكفي أن يكون نصيبه من حياتنا بعض أعمال يسيرة، كانت في أصلها جليلة، ثم تحولت في حياتنا إلى عادات وتقاليد .. لا ترتفع مسؤولية الإسلام عن أعناق المسلمين حتى يضيفوا إلى هذا القيام بواجب الدعوة إليه، والتبشير به، والسفر في سبيل ذلك إلى شتى الجهات و القرى و البلدان، تلك هي الأمانة التي ألقاها رسول الله ﷺ في أعناقنا” (33).
وعلى هذا فسياحة الدعاة ورحلتهم للدعوة إلى الله أمرٌ دأب عليه السلف وحثوا الدعاة عليه كما كان من سيدهم وقدوتهم ﷺ الذي كان يبعث أصحابه ليسيحوا في البوادي ويبلغوا أمر الله، وبعد وفاة النبي ﷺ انتشر الصحابة “رضي الله عنهم” في أصقاع الأرض ليبلغوا دين ربهم.
يقول زياد الزبيدي ــ الذي كان في جند عمرو بن العاص ــ : “فجعلنا نأتي بالرجل ممن في أيدينا ثم نخيره بين الإسلام والنصرانية فإذا اختار الإسلام كبرنا تكبيرة هي أشد من تكبيرنا حين تفتح القرية.. من حرصهم على دعوة الناس” (34).
وكان ابن شهاب الزهري “رضي الله عنه” يخرج إلى الأعراب ليفقههم في الدين (35).
إن في سير الدعاة المرتحلين من الصحابة “رضي الله عنهم” والتابعين ومن تبعهم بإحسان صفحاتٍ مشرقةً تكتب بماء الذهب وهي دليل قاطع وبرهان ساطع على صدق الغاية وعلو الهمة وسمو القصد جهود تبعث على شحذ الهمم وتثير غيرة الدعاة وحميتهم والأمة اليوم بأحوج ما تكون إلى رحلة الدعاة الصادقين إلى أرجاء المعمورة وكل بحسب قدرته وعلمه .
-
أهمية الرحلة في الدعوة إلى الله تعالى:
الارتحال للدعوة إلى الله تعالى وبذل الجهد واستفراغ الوسع همٌ يجب على الدعاة أن يحملوه ويعملوا له إذ إن الأرض تعج بالشرك والكفر والمخالفات لابد من استشعار الداعين لمعية الله وأنهم بعوثه إلى خلقه لهداية الناس وإرشادهم وإنارة بصائرهم. فعن سليمان بن حبيب المحاربي ــــ رحمه الله ــــ قال: “خرجت غازيا، فلما مررت بحمص خرجت إلى السوق لأشتري ما لا غنى للمسافر عنه، فلما نظرت إلى باب المسجد قلت: لو أني دخلت فركعت ركعتين، فلما دخلت نظرت إلى ثابت بن معبد، ومكحول في نفر فقالوا: إنا نريد أبا أمامة الباهلي. فقاموا وقمت معهم، فدخلنا عليه فإذا شيخ قد رق وكبر، وإذا عقله ومنطقه أفضل مما نرى من منظره، فكان أول ما حدثنا أن قال: إن مجلسكم هذا من بلاغ الله إياكم، وحجته عليكم، إن رسول الله ﷺ قد بلغ ما أرسل به، وإن أصحابه قد بلغوا ما سمعوا، فبلغوا ما تسمعون” (36).
لقد استشعر “رضي الله عنهم” عظم المسؤولية وأن الدعوة أمانة ملقاة على عواتقهم دون غيرهم وهذه الغيرة إن لم يستشعرها الدعاة ويحملوها فستكون الدعة والركود والعزلة .
“فعلى العالم من عبودية نشر السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله ما ليس على الجاهل، وعليه من عبودية الصبر على ذلك ما ليس على غيره… وعلى القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده ولسانه ما ليس على العاجز عنهما… وقد غرّ إبليسُ أكثر الخلق بأن حسّن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع، وعطلوا هذه العبوديات، فلم يحدِّثوا قلوبهم بالقيام بها، وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينا، فإن الدين هو القيام لله بما أمر به … وهؤلاء ـــــ مع سقوطهم من عين الله، ومقت الله لهم ـــــ قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب (37)”.
“ولا ينبغي للداعية أن يبتئس إن لم يجد فضل وقت لقيام الليل يومياً، والإكثار من ختمات القرآن، فإن ما هو فيه من الدعوة وتعليم الناس وتربية الشباب خير وأجزل أجرًا، وقدوته في ذلك ورائده أئمة الدعاة من السلف الصالح الذين كانوا يسيحون لنشر الدعوة وتبليغها، ويبادئون الناس بالكلام، ويحتكون بهم احتكاكاً هادفاً، ولا ينتظرون مجيء الناس لهم ليسألوهم هكذا كان شأن الدعاة دومًا. إن الإسلام حركة وعمل ودعوة وجهاد، والإسلام يتمثل في رجاله الذين يتحولون إلى قرآن يسير على الأرض، ويتمثل صوراً متحركة في المجتمع، وهكذا كان الصحابة “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة (38). ومن حق المدعو أن يؤتى ويدعى، أي أن الداعي يأتيه ويدعوه إلى الله تعالى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيء الناس إليه، وهكذا كان يفعل الداعي الأول نبينا الكريم ﷺ يأتي مجالس قريش ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في منازلها في موسم قدومها في مكة، ويدعوهم، ويذهب إلى ملاقاة من يقدم إلى مكة ويدعوهم” (39).
قال الغزالي ـــــــ رحمه الله ـــــــ: “إعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خالياً في هذا الزمان عن مُنْكر، من حيث التَّقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم وحمْلهم على المعروف، فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البـلاد، فكيف في القرى والبوادي ومنهم الأعرابُ والأكْراد والتُّرْكُمانِية، وسائرُ أصناف الخلْق، وواجبٌ أن يكون في كل مسجدٍ ومَحَلَّةٍ من البلد فقيهٌ يعلّم الناس دينَهم وكذا في كل قرية، وواجب على كل فقيه – فرغ من فرض عينه لفرض الكفاية أن يخرج إلى ما يجاور بلده من أهل السواد ومن العرب والأكراد وغيرهم، ويعلِّمَهم دينهم وفرائض شرعهم”(40).
يقول الغزالي بهذا في زمانه فكيف لو رأى ما في زماننا فإلى الله المشتكي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟
وعن جعفر بن سليمان قال : “سمعت مالك بن دينار يقول : لو استطعتُ ألا أنام لم أنم مخافة أن ينـزِل العذاب وأنا نائـــــم، ولو وجـــدت أعوانا لفرَّقْتُهم ينادون في سائـــــــر الدنيا: يا أيهــــا الناس : النارَ النارَ” (41).
إن واقع المسلمين اليوم فضلاً عن غيرهم من أتباع الديانات الأخرى ليشهد تحولات هي أحوج ما تكون إلى الرحلات الدعوية وفق منهج السلف الصالح، فعلى الدعاة أن يشمروا عن سواعد الجد، ويرتحلوا لمشارق الأرض ومغاربها، إذ أن العالم اليوم يشهد تحركاتٍ دعويةً حثيثةً من أصحاب العقائد والمذاهب الضالة.
إن الإسلام في هذه المرحلة بحاجة إلى العناصر المتحركة .”وإنّ تحرك صحابة النبي ﷺ بعد وفاته في أقطار الأرض لَدَليلٌ على أن الشخصية التي صاغها النبي ﷺ ورباهم عليها هي الشخصية المتحركة للدين التي لا تعرف السكون ولا الكمون” (42).
* * *
المطلب الثاني
أهمية الرحلات والبعوث الدعوية في نشر المِلل والنِحل
تعد الرحلات والبعوث الدعوية أحد أهم سبل نشر الدعوات المتعددة، وهي وكما كانت وسيلة دعوة النبي ﷺ ومن اقتفى أثره من الصحابة “رضي الله عنهم” ومن تبعهم بإحسان مازالت تتخذ وسيلة لنشر دعوات الملل والنحل الفاسدة التي ملأت الأرض ظلماً وفساداً، وهذا مصداق ما أخبر به خاتم الأنبياء والمرسلين ﷺ من أن أمته ستفترق لفرق كثيرة، وستظهر فرق مخالفه لشرعه وهديه.
إن المتأمل لحال البشرية الدينية اليوم يرى أن الناس على أربعة أصناف:
الصنف الأول: مسلم متمسك بدينه، معتصم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، يؤمن بالله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، على هدى من دين الله وبصيرة. وهؤلاء ــ رغم قلتهم ــ منتشرون ـ بحمد لله ـ في سائر المعمورة يربطهم رباط العقيدة الصحيح، وأخوة الإيمان.
الصنف الثاني: المنتمون للإسلام وهم على شيء من الانحراف والضلال، أو على الكفر أو الجهل، وهم مع الأسف كثير ممن يدعي الإسلام من الصوفية، والرافضة، والباطنية، والنصيرية، والقبوريين وأصحاب المبادئ والاتجاهات الهدامة: كالاشتراكية، والبعثية، والقومية، والعلمانية، وسواهم من ذوي الانحراف العقدي والعملي.
الصنف الثالث: أتباع الديانات الضالة، وهؤلاء إما كتابيون، وهم الذين ينتمون إلى الأديان المنزلة من الله في أصلها، ولكن دخلها التحريف والشرك ثم نسخت، وهم اليهود والنصارى. وإما وثنيون يتبعون دينا مبتدعاً يقوم في أصله على الشرك والوثنية وتقديس المخلوقات، كالبراهمة، والبوذيين، والكنفوشسيين، والمجوس، وأكثر الفلاسفة، وهذا الصنف كافر صريح الكفر.
الصنف الرابع: الملاحدة وهم الذين لا يدينون بدين، أو يتبعون مذاهب تجحد وجود الخالق سبحانه وتعالى، وهم بعض الفلاسفة، والدهريون، والشيوعيون، وبعض العلمانيين ونحوهم، وهم كفار ملاحدة (43).
وبالرغم من اتخاذ الرحلات والبعوث الدعوية وسيلة في نشر الكثير من الملل والنحل الهدامة التي اقتسمت المعمورة وعاثت فيها فساداً وضلالاً إلا إنه سيتم الاقتصار على ما يتعلق برحلات وبعوث التنصير والرفض الدعوية؛ نظراً لعظيم خطرها واتصاف كل منهما بالتنظيم والدقة، والمتابعة الحثيثة للجهود التي تبذلهما كل من هاتين الفرقتين في نشر ما يروجونه من بدع وضلالات تلظى بنيرانها كثير من الشعوب التي سبقونا إليها. بل لقد اكتوى بلهيب حمئتها كثيرٌ ممن ينتسبون لأهل السنة والجماعة.
-
رحلات وبعوث النصارى الدعوية:
تعد رحلات وبعوث النصارى الدعوية أحد الرحلات المؤثرة التي عاثت في الأرض فسادا و”حركة التنصير” (44). هي إحدى إفرازات الحركة الصليبية، بل أحد وجهيها، فقد تأسست لتحقيق أهدافها، وفي ظلها وبجهودها نبتت الحركة، وتبعاً لذلك، مرت بنفس أدوار القوة والضعف التي مرت بها، فكانت مثلها ومعها تخرج من طور لتدخل في طورٍ جديد (45).
ومدارس التنصير هي أحد المؤسسات التعليمية التي أنشأتها الكنائس والأديرة المختلفة والتي تعد المنصرين علمياً.
أما الإرساليات فهي البعثات التي توفد من الهيئات النصرانية لتنصير الناس بالإنجيل، وأعضاؤها من المثقفين الذين تخرجوا في مدارس التنصير، وهؤلاء حين يذهبون إلى بلدٍ ما يؤسسون به كنيسة لهم أو أكثر، وفي أكثر الأحيان ينشئون بجانب الكنيسة مدرسة ومستشفى، وكلاهما للتنصير ومحاولة إدخال الناس في النصرانية، وهـــــذه الإرساليات نشأت وتمــــــت بعد الحروب الصليبية (46).
وقد أسس المنصرون تنصيرهم على أسس علمية استخلصوها بعد دراسة عميقة حسب الآتي : ــــــ
- على المبعوث النصراني أن يعرف لغة الشعب الذي سيتوجه للتنصير بين أفراده، كما عليه دراسة عادات أفراده وتقاليدهم، ومعتقداتهم، ومواطن الضعف فيهم، وما ينفرهم، وما يجذبهم.
- أن يكون المنصر على دراية بكيفية الدعوة النصرانية، وكيفية الهجوم على ديانة الشعب الذي سيذهب إليه ونشر الأكاذيب، ولا حرج عليه في التلون للوصول إلى قلوب بعض الناس.
- أن يكون المنصر ــ إن لم يكن طبيباً ــ ملماً ببعض مبادئ التطبيب والتمريض والإسعافات العاجلة (47).
-
أهداف رحلات وبعوث النصارى الدعوية:
واجهت ــ بحمد الله ــ حملات التنصير المتوالية على ديار المسلمين الفشل الذريع، وبهذا صارت عملية التنصير بلغة الأرقام صعبة إن لم تكن مستحيلة بين الشعوب التي تدين بالإسلام، فاقتصرت أهداف العملية على الجزء الأول منها وهو إخراج المسلمين من دينهم (48).
“والتنصير ظاهرة متجددة ومتطورة في آنٍ واحد. وتطورها يأتي في تعديل الأهداف، وفي توسيع الوسائل، ومراجعتها بين حين وآخر، تبعاً لتعديل الأهداف، ومن ذلك اتخاذ الأساليب العصرية الحديثة في تحقيق الأهداف المعدلة، حسب البيئات والانتماءات التي يتوجه إليها التنصير، حتى وصلت هذه الظاهرة عند البعض، إلى أنها أضحت علما له مؤسساته التعليمية ومناهجه ودراساته ونظرياته” (49).
ولدى المنصرين، في مجملهم، الاستعداد الذاتي للانخراط في حملات التنصير لدوافع مختلفة، أبرزها المغامرة والرحلات، والدخول في مجتمعات مختلفة عن المجتمع الغربي، ثم تأتي الدوافع الدينية المقصودة أولا من وراء الحملات (50).
لقد كان أحد أهداف هذه الحملات استغلال خيرات بلاد المسلمين، وزعزعة الوحدة الإسلامية التي يرى المنصرون أنها من أعظم المخاطر التي تهدد النصرانية (51).
ومن أهدافه حملات التنصير تشجيع انتشار المجلات الخليعة، والكتب العابثة، والبرامج التلفزيونية الفاسدة، والسخرية من علماء الدين، والترويج لفكرة تحديد النسل، والعمل على إفساد المرأة المسلمة، ومحاربة اللغة العربية، وتشجيع النعرات القومية. ويتضح مما سبق: أن التنصير حركة سياسية استعمارية تستهدف نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة وبين المسلمين على وجه الخصوص، ويستغل زعماؤها انتشار الجهل والفقر والمرض (52).
“وفي العالم الإسلامي اليوم جيوش جرارة مرئية وخفية من أولئك الذين يدعون بلا خجل أنهم (منصرون) ويشعر المرء بالأسى والمرارة حين يقرأ أو يشاهد أعمال هؤلاء ( المنصرين) وما يفعلونه بعباد الله من أجل تحويلهم إلى النصرانية” (53).
وتعد ظروف الفقر والفاقة التي خلفتها مجموعة من العوامل البشرية، والكوارث الطبيعية التي حلت بالمسلمين بقضاء الله وقدره إحدى الوسائل المساندة لحملات التنصير. وهي وسيلة مساندة قوية. فهؤلاء المنصرون لديهم من الإمكانات المادية ما يجعلهم قادرين على الوصول إلى المناطق المنكوبة مهما كانت وعِرة أو نائية ما دام فيها فقراء مُعَوزون يأكل الجَفافُ من جلودهم. وهم على هذه الحال مستعدون لقبول أي إغاثة تصل إليهم دون النظر إلى مصدرها والأهداف من ورائها (54).
-
رحلات وبعوث الروافض الدعوية:
يعيش الروافض ومنذ ظهورهم حالة مواجهة مع بقية الأمة الإسلامية، وهم وفي إطار سعيهم الحثيث لتكوين المزيد من الأتباع يعمدون لذلك “عن طريق إثارة النزعات الطائفية والعنصرية والمذهبية وزرع الأحقاد بين المسلمين، وادَّعاء الأفضلية لبعض السُّلالات على سائر أبناء الأمة، وتتخذ من فكرة التشيع ورُوَّادها العنصريين والطائفيين أداةً ووسيلةً لتنفيذ مشروعها الاستعماري، وتبعث منهم بعوثاً إلى جامعاتها وحوازاتها، وتُعِدُّهم بالفكر والمعتقد الذي تريد” (55).
“وقد نشطوا هذه الأيام؛ لنشر ضلالهم، والدعوة إلى أفكارهم في مناطق عديدة لم يكن لهم فيها أثر … ولهم أساليب عديدة للوصول إلى مبتغاهم، لعل أهمها الدندنة حول حب آل البيت، وذكر مزاياهم ـــ سواء صحت أو لم تصح ـــ مستغلين حب المسلمين لآل البيت دون أي ذكر للصحابة في البداية ـــ لا سلباً ولا مدحاً ـــ ثم يبدأون باختلاق أن أهل البيت قد تعرضوا للظلم بعد وفاة الرسول ﷺ وأنه نالهم جورٌ وحيفٌ كثير، وهنا يصبح مستمعهم الساذج مؤهلاً لتقبل افتراءاتهم بشأن الصحابة الكرام” (56).
“فالشيعة بما درجوا عليه لا يظهرون عقائدهم وأفكارهم إلا لبني جلدتهم. أما مع مخالفيهم فهم يتسترون بالتُقية فيضمرون أشياء ويظهرون أخرى تماشياً مع خُلق الكذب والنفاق الذي اعتادوا عليه” (57).
-
أهداف رحلات وبعوث الروافض الدعوية:
“إن الرافضة ــ خذلهم الله ـــ ما فتئوا يسعون لنشر مذهبهم، وصرف المسلمين عن دينهم، وإيجاد القطيعة بينهم وبين سلفهم من أصحاب النبي ﷺ بحجة موالاة آل البيت مما يسقط الثقة بالكتاب والسنة التي نُقلت عن طريقهم، والتي هي أصل ديننا نحن المسلمين؛ فيصير المفتونون بعدها إلى أصول الرافضة التي أكثرها يهودية أو فارسية مجوسية، ويصبح هؤلاء المتشيعون طابوراً خامساً، وسرطاناً يســـــــري في جســـم الأمـــــــة عبئاً على المسلمين، وخطراً محدقاً بهم يتربص بهم الدوائر” (58).
“ولكي يحقق المشروع الرافضي أهدافه؛ نجد الشيعة الرافضة .. يكذبون على أنفسهم بزعمهم المحبة لأهل البيت، وهم الذين يفترون عليهم الكذب، فيصورونهم للناس عموماً ولأتباعهم خصوصاً بأنهم طائفة عنصرية، قضوا حياتهم في كل عصر في صراع مع الأمة على الزعامة والولاية ولم يتفقوا مع أحد، وأنهم شخصياتٌ خرافية، وليسوا كسائر الناس، ولم يصلح لهم حال، ولم ينالوا محبة الأمة ولا احترامها، وأكثر من ذلك نجد أن الفجور والخبث والوقاحة دفع بالرافضة إلى الانتقاص من أهل البيت بإلصاق التُّهم ببعضهم، ووصف البعض الآخر بصفات لا تتفق مع الشرع، ولا يقبلها العقل” (59).
“كما أنهم لا يفتُرون عن الطعن في كل من يخالفُهم، ويرمونه بكل عيب ونقيصة، ويبذلون جهدهم لتشويهه، ويحظى عندهم مصطلح “الوهابية” ومصطلح “السلفية” بالقسط الأكبر من هذا التشويه والتدنيس، ويحملونه تبعة جميع ما يعاني منه المسلمون اليوم من مصائب وأزمات؛ وأنهم العقبة الكؤود في وجه التقريب بين الشيعة والسنة، ولذلك يلصقون بكل من كشف زيفهم أو فضح عوارهم تهمة أنه وهابي أو سلفي، وهم بذلك يريدون أن يُذروا الرماد في الأعين ويوهموا السامع والرائي أن خلافهم مع هؤلاء كخلاف سائر أهل السنة معهم” (60).
“وفي البلاد التي تسيطر فيها الصوفية ـــ وهي أكثر البلدان ـــ تسهل مهمة الشيعة جداً؛ إذ من السهل انتقال عوام المتصوفة إلى التشيع؛ فالقبور هي القبور، والتمسح بها هو التمسح، والاعتقاد الغيبي بأهلها عين الاعتقاد، والموالد نفس الموالد، فلا يوجد كبير فرق بين الطائفتين أصلاً” (61).
“ومخطط تحويل الصوفية إلى دين الرافضة لا يعد حديثاً إذا علمنا أن الصوفية كانت وما زالت إحدى أهم وسائل الأعداء في محاربة الإسلام إلا إن الجديد في الأمر هو استهدافهم من قِبل الشيعة… وصدق من قال : إن الصوفية والتشيع وجهان لعملة واحدة” (62).
“ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أخذوا يرسلون رجالهم، ويسخرون أموالهم لنشر مذهبهم الذي يقوم على سب الصحابة “رضي الله عنهم” وتكفيرهم” (63).”رضي الله عنهم” والهدف من وراء سب وطعن الصحابة “رضي الله عنهم” هدم الإسلام لأنه وصل إلينا عن طريقهم والطعن في الناقل طعن في المنقول وهم الذين بلغوا سنة النبي ﷺ التي هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم للدين الإسلامي الحنيف”رضي الله عنهم” (64).
“وهنا لابد من التحذير … من محاولات نشر التشيع في صفوف المسلمين في أفريقيا وبلدان آسيا الوسطى، فالفراغ الذي تركه دعاة أهل السنة هناك يحاول شغله أتباع هذا الدين البديل … بل إن ما حققوه من تشييع رئيس دولة إسلامية عربية … يعد اختراقاً خطيراً في مجمل هذه الأحداث، وهذا يحتم على المهتمين بشؤون الدعوة من المسلمين إلى المسارعة في سد هذا الفراغ الكبير من خلال الدعوة بين مسلمي تلك الدول والعودة بهم إلى الدين الحق وترسيخ منهج الكتاب والسنة لديهم ليكونوا في منأى من تلك التيارات الهدامة” (65).
-
حقيقة رحلات وبعوث الروافض الدعوية:
“الحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزردشتية وهندية، ومن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته، كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستاراً يضعون وراءه كل ما شاءت أهواؤهم” (66).
“اتسمت هذه الحقبة من عمر الأمة بجملة من المعطيات أهمها بروز الرافضة كقوة مؤثرة في حركة الاحداث … وكذلك ظهور تيارات فكرية محسوبة على أهل السنة تطرح أفكارا تفضي بمجملها إلى تضليل الأمة وإيجاد مبررات الاحتلال وذرائع الإرتماء في أحضان الأجنبي … وكان من آثار هذا التحالف المشؤوم ما نراه اليوم من مد رافضي مدعوم من قِبل الغرب الصليبي وأربابهم اليهود” (67).
“لقد أدرك الأعداء بأن خير من يخدمهم في تنفيذ مخططاتهم لهدم الإسلام هم الرافضة لالتقاء مصالحهم في معاداة أهل الإسلام من جهة؛ ولتشابه عقائدهم من جهة أخرى، وبعد محاولاتهم الحثيثة والفاشلة في اجتثاث الإسلام وصلوا إلى نتيجة أوحى بها شياطينهم بأن الوسيلة المثلى للقضاء على الإسلام هو استبداله بدين الرافضة” (68).
“إن من المخططات المكشوفة التي لم تعد خافية أن من استراتيجية الغرب ودولة اليهود، وخيارهم المفضل أن ينتشر التشيع في العالم الإسلامي؛ لأن الشيعة هم أفضل حليف، وأمثل نصير ضد العدو المشترك (أهل السنة) لكن هذه الحقيقة ــ للأسف الشديد ــ لا يستسيغها كثيرٌ من أهل السنة المغرر بهم” (69).
“إن الرافضة رفعوا شعارات النصرة “لفلسطين” بُغيةَ خداع الآخرين ولكي يجدوا موطأ قدم في بلاد المسلمين لينفثوا فيها سمومهم… علما بأن هذه المناصرة لا تعدو إقامة المهرجانات والاحتفالات لإحياء ذكرى فلسطين ولم يزيدوا على ذلك شيئا” (70).
“وقد يتساءل البعض : أليس هدف الغرب الصليبي نشر النصرانية بين بلاد المسلمين ؟ فهل تخلى الصليبيون عن أهدافهم تلك من خلال نشر دين الرافضة بين المسلمين ؟ أقول .. يجب أن لا ننسى بأن اليهود والنصارى لا يهمهم كثيرا أن يتحول المسلمون إلى إحدى دياناتهم بقدر ما يهمهم إخراج المسلم من دينه الحق وتركه هائما على وجهه من غير وازع ديني، أو عقيدة واضحة؛ كي يسهل التحكم به وتوجيهه” (71).
“بعد هذه الرحلة المرهقة في بيان الحقائق المؤلمة لفرقة ضلت عن الطريق القويم، وزلت أقدامها عن الصراط المستقيم، وبعدما تبين من اعتقادات فاسدة، وبعد أن تبين أن تلك العقائد هي عقائد القوم ـــــ القدامى منهم والمتأخرين ـــــ أثبتت ذلك كتبهم ونطقت به ألسنتهم، فهل يكون لأي دعوة تقام للتقارب فائدة تذكر، اللهم إلا خداع أهل السنة والجماعة، واستمالة الضعاف منهم والعوام تحت ستار حب أهل البيت الأطهار” (72).
“وستظل ردود الأفعال دون المأمول ما فتئت تدور في فلك الأوراق والأبحاثط (73).
“والواقع أن الاتزان أصل في الرؤية وسند في التخطيط المقابل؛ فإن المرتجى هو مشروع نقي مقاوم ثالث لكلا الخطرين، وما يستجد من غيرهما، ولا يستقوي بهذا اتقاء لذاك، ويعلي من شأن أمة ينبغي أن تحفر اسمها من جديد على ألواح التاريخ” (74).
وهكذا تتضح آثار الرحلات والبعوث الدعوية في نشر الدعوات المتعددة، وهي وسيلة مهمة اتخذها أعداء الدين وفق رؤى ومخططات اعتمدت على عقد المؤتمرات الدورية التي تتدارس ما تحقق من إنجازات وسبل معالجة ما يكون من أخطاء وإخفاقات. الأمر الذي أدى إلى تحقق الأهداف وتسجيل الكثير من النجاحات التي لم تكن لتتحقق لولا الدعم المادي المفتوح وما رافقه من إعداد اعتمد على المعرفة التامة في كل ما يحيط بـمبـاشرة هذه الدعوات وما رافق ذلك من بعث البعوث وإرسال الدعاة أو ما يسمونه بالإرساليات، وهذا ما يحتاجه دعاة الحق.
[1] ــــ سورة المجادلة، آية : 11.
[2] ــــ سورة آل عمران، آية : 18.
[3] ــــ سورة طه ، آية : 114.
[4] ــــ سورة فاطر، آية : 28.
[5] – سورة الزمر، آية : 9.
[6] – أخرجه الإمام البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، ح 71، 1/ 39.
[7] – انظر: بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها شرح مختصر صحيح البخاري، لابن أبي جمرة الأندلسي، مطبعة الصدق الخيرية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1348هـ، 1/199.
[8] – أخرجه الإمام مسلم، كتــاب الذكـــر، بـــاب فضـــل الاجتمـــاع علـــى تـــلاوة الـقــــــــــرآن وعلــــى الذكـــــــر، ح 38، 4/2074.
[9] – المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1392ه، 192/17.
[10] – أخرجه الإمام البخاري، كتاب العلم، باب الاغتباط في العلم والحكمة، ح73، 1/40.
[11] – أخرجه الإمام البخاري، كتاب العلم، باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله، ح 88، 1/ 46.
[12] – أخرجه الإمام البخاري، كتاب العلم، باب الخروج في طلب العلم، 1/ 42 .
[13] – فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى، 1407هـ، 1/209.
[14] – سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، محمد ناصر الدين الألباني، 1415هـ، 2/20،ح 502.
[15]– أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 3/15، ومما يدل على أن هذا في رحلة معاذ “رضي الله عنه” الدعوية أن وفاته “رضي الله عنه” كانت في الشام انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي1/485.
[16] – سورة التوبة، آية : 122 .
[17] – الرحلة في طلب الحديث، للخطيب البغدادي، ص87.
[18] ــــــ سورة الكهف، آية :60.
[19] ــــــ تفسير القرطبي، 11/11.
[20] – الرحلة في طلب الحديث، للخطيب البغدادي، ص107.
[21] – مفتاح دار السعادة، لابن القيم، 1/56.
[22]– سورة يوسف، آية : 108 .
[23]– رحلة العلماء في طلب العلم، ماجد الكناني، دار الطرفين للنشــر والتوزيــــع، الطائــــف، د ط، 1423ه، ص 14.
[24]– حلية طالب العلم، بكر بن عبد الله أبو زيد، مكتبة ابن الجوزي، دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى، 1416 هـ، ص 174.
[25] ــــــ المقدمة، لابن خلدون، 3/226. والآية من سورة البقرة، آية : 213.
[26] ـــــ صفحات من صبر العلماء، عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة العاشرة، 1433هـ، ص109.
[27]– سورة البقرة، آية : 159.
[28]– فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية للشوكاني، 1/106.
[29]– الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، 3/1066.
[30]– فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، محمد سعيد البوطي، دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة العاشرة، 1411ه، ص471.
[31]– سلسلة تاريخ الدعوة إلى الله تعالى، أحمد غلوش، 2/ 507.
[32]– الرحلة للدعوة ونشر العلم، صالح رضا، بحث محكم، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها (ع25،شوال 1423هـ، 15/ 447).ص 469.
[33]– فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، محمد سعيد البوطي، ص473.
[34]– تاريخ الأمم والملوك، لابن جرير الطبري، دار الكتب العلمية، الأردن، عمان، د ط، د ت، ص671.
[35]– سير أعلام النبلاء للذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، د ط، 1422هـ، 5/341.
[36]– مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 10/354.
[37]– إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ، 2/121.
[38]– انظر: مصعب بن عمير الداعية المجاهد، محمد برنغيش، ص176.
[39]– أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان ، ص347.
[40]– إحياء علوم الدين، أبي حامد الغزالي، دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى، 1426هـ، ص820.
[41]– حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، د ط، 1416هـ، الطبقة الأولى من التابعين، مالك بن دينار، ص370.
[42] ـــــ ثلاثون طريقة لخدمة الدين، المعتز بالله الصمدي، دار الخلفاء الراشدين للنشر، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2007م، ص 8.
[43] ـــــ الموجز في الأديان والمذاهب، ناصر القفاري وناصر العقل، دار الصميعي للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى،1413هـ، ص 11 – 14.
[44] ـــــ الباحث يتفق مع ما ذهب إليه بعض المتخصصين من تخطئة إطلاق “التبشير” على جهود الصليبين الدعوية وأن الأصح تسميتها بحركة التنصير فذلك أنسب من تسميتها “بالتبشير” ففي ذلك إيحاء ببث بشارة الإنجيل، انظر : النصرانية والتنصير أم المسيحية والتبشير، محمد عثمان صالح، مكتبة ابن القيم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1410هـ، ص 55 .
[45] ـــــ انظر: مدخل إلى حركة التنصير، ممدوح حسنين، دار عمار، الأردن، عمان، الطبعة الأولى، 1416، ص5.
[46] ــــــ انظر: الإرساليات التبشيرية، عبد الجليل لبي، منشأة المعارف، الإسكندرية، د ط، د ت، ص 149.
[47] ــــــ انظر : التنصير الغربي وأثره على الإسلام ودعوته، إبراهيم حسن إبراهيم، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد (55) ربيع الاني 1433هـ، ص 369.
[48] ـــــ انظر : المرجع السابق، ص 353.
[49] ـــــ التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته، على إبراهيم النملة، ص10 .
[50] ـــــ انظر : التنصير في البلاد الإسلامية، محمد الشثري، دار الحبيب، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ، ص 16.
[51] ـــــ انظر : التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته، على إبراهيم النملة، الطبعة الثانية، 1419هـ، ص 104.
[52] ـــــ انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الناشر: دار الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1420هـ، ص 695.
[53] ـــــ التنصير والاستعمار في إفريقيا السوداء، عبد العزيز الكحلوت، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، د ت، د ط، ص 17، وقد أورد المؤلف إحصائيات عن تلك الجهود في ص 67.
[54] ـــــ انظر: التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته، على إبراهيم النملة، ص 63.
[55]ـــــ خطر المشروع الاستعماري الرافضي المجوسي، عبدالعزيز بن محمد الزبيري، د ط، 1434، ص7.
[56]ـــــ تحذير البرية من الشيعة في سورية، ص 4.
[57]ـــــ المخطط العالمـــــــي لنشـــــــــــــــــــــر التشيع، خطورتــــــــه، وسبل مواجهتـــــــــه، محمد بن زيـــــــد المهاجــــــر، دار الجنـــــة للنشر والتوزيـــــع، د ط،1430هـ، ص 47.
[58]ـــــ تحذير البرية من نشاط الشيعة في سورية، عبد الستار آل حسين، الطبعة الأولى، 1428هـ، ص3.
[59]ـــــ خطر المشروع الاستعماري الرافضي المجوسي، عبد العزيز الزبيري، ص 10.
[60]ـــــ مجلة الإصلاح، عـدد خــاص عـــن التمــدد الشيعــي، دار الفضيلــة للنشــر والتوزيـــع، الجزائــر، السنــة الخامســة، العــدد 26، جمادي الأولى والآخرة 1432هـ، ص 5.
[61]ـــــ تحذير البرية من نشاط الشيعة في سورية، ص 5.
[62]ــــ المخطط العالمي لنشر التشيع، خطورته، وسبل مواجهته، محمد بن زيد المهاجر، ص 47.
[63]ـــــ تعريف بمذهب الشيعة الامامة، أحمد محمد التركماني، جمعية عمال المطابع، التعاونية، عمان، الطبعة الأولى، 1403ه، ص 7.
[64]ـــــ الشيعة وتحريف القرآن، محمد أخمد النجفي ، دار الوعي الإسلامي، بيروت، د ط ، 1402ه، ص 50.
[65]ــــ المخطط العالمي لنشر التشيع، خطورته وسبل مواجهته، محمد بن زيد المهاجر، ص 47.
[66]ـــــ الشيعة والتشيع، إحسان إلهي ظهير، إدارة ترجمان السنة، باكستان، لاهور، الطبعة العاشرة، 1415هـ، ص 239.
[67]ـــــ المخطط العالمي لنشر التشيع، خطورته، وسبل مواجهته، محمد بن زيد المهاجر، ص 4.
[68]ـــــ المرجع السابق، ص 9.
[69]ـــــ مجلة الإصلاح، عدد خاص عن التمدد الشيعي، ص 5.
[70]ـــــ المخطط العالمي لنشر التشيع وخطورته، المرجع السابق، ص 21.
[71]ـــــ المخطط العالمي لنشر التشيع خطورته وسبل مواجهته، محمد بن زيد المهاجر، ص 9.
[72]ــــ موقف الأزهر الشريف من الشيعة الإثنى عشريـــــــة، طـــــه علــــــى السواح، دار اليسر، القاهــــرة، الطبعة الأولى، 1431هـ، ص 369.
[73]ـــــ خريطة الشيعة في العالم، أمير سعيد، مركز الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانيـــــــة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1430هـ، ص 19.
[74]ـــــ المرجع السابق، ص236.