معوقات الرحلات والبعوث الدعوية للصحابة والتابعين

توطئـــــــة:

ما من عمل إلا ويواجه بكثير من المعوقات التي يتجاوزها من لديه صدق النية، وقوة العزم على بلوغ الأهداف، وتحقيق الغايات، وهكذا كان دعاة الصحابة والتابعين”رضي الله عنهم” في رحلاتهم، وبعوثهم الدعوية حيث تعرضوا لصنوفٍ من المحن تنوء بها الرواسي الشامخات. فكان أن بذلوا أنفسهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله كل ذلك من أجل أن يبلغوا رسالة هذا الدين، ويخرجوا من شاء الله “من عبــادة العبــاد إلى عبادة الله، ومــن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة” (1).

وغني عن القول أن النجاح كان بحمد الله، وتوفيقه حليف تلك الرحلات، والبعوث الدعوية للصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” بدليل ما حققته من نتائج إيجابية شهد بها القاصي والداني من أهل الملة، وأعداء الدين، والحق ما شهدت به الأعداء، فمن الطبيعي أن يثني التابعون على متبوعهم، ولكن الغريب ثناء الأعداء والمخالفين؛ إنه الحق الذي ألجم كل من شهد هذه الملاحم التي انطلقت في أرجاء الأرض لتنثر النور الذي بُعث به سيدنا ورسولنا محمد ﷺ .

إنه ما من أرض تحل بها رحلات المرتحلين، وبعوث الصحابة والتابعين”رضي الله عنهم” للدعوة إلى هذا الدين إلا ويختار الناس الدخول فيه راضين غير مكرهين؛ بل ويصبحون قادة وعلماء ودعاة ربانين، ومع ذلك تبقى سنة الله الكائنة في أن لكل داعي إليه عدواً من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى:(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (2).

وقـــــــال تعالـــــى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (3).

” أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛ لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤنته، ويلجأون إلى الصبر والتقوى، ولهذا قال: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم، من الابتلاء والامتحان وعلى أذية الظالمين، وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه، ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله  (فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)  أي: من الأمور التي يعزم عليها، وينافس فيها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية” (4).

وهكذا كان  الصحابة والتابعون”رضي الله عنهم” في رحلاتهم، وبعوثهم الدعوية صابرين فذلل الله لهم تلك المصاعـب، وصرف عنهـم ما واجهـوه من معوقـات، وعلـى هــذا فذكر تـلك المعوقات لا تطمس ما تحقق من نجاحات إذ لولا توفيق الله ثم هذه المعوقات لما تحققت تلك النجاحات فما لجرح بميّت إيلام، فالابتلاء سنة الله الماضية، ولا تمكين بلا ابتلاء” سأل رجل الشافعي ــــ رحمه الله ــــ فقال: يا أبا عبد الله أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلي؟ فقال الشافعي: لا يمكن حتى يبتلي؛ فإن الله ابتلي نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم، فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة” (5).

*   *   *

المطلب الأول

الإيـــــــــذاء

تأتي صور الأذى الذي تعرض له الصحابة والتابعون”رضي الله عنهم” في رحلاتهم الدعوية في أشكال متعددة، وبأساليب مختلفة الهدف منها إعاقة الدعوة وإطفاء نورها كما قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (6).

وهم في مكرهم هذا لا يترددون في فعل كل قبيح من تعذيب، أو حبس، أو طرد، من الديار، أو تقتيل وهذه كلها تعرض لها الرسول ﷺ وأصحابه “رضي الله عنهم” قال تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (7).

فتحمل الأذى سنة الله الماضية في رسله وأنبياءه عليهم الصلاة والسلام ومن حمل ميراثهم من بعدهم، ولذا فإن دعاة الصحابة والتابعين”رضي الله عنهم” المرتحلين للدعوة لم تثنيهم تلك التحديات والمعوقات التي واجهوها في رحلاتهم وبعوثهم الدعوية إذ إن قدوتهم ﷺ تعرض لما هو أشد، وأعظم ففي رحلته الدعوية إلى الطائف رأى صنوف التكذيب، والسخرية، والإيذاء ومع ذلك كان النصر حليفه فلم ينتقم بعد أن تمكن بل عامل بالصفح، والعفو، واللين وصدق الله الذي قال فيه: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (8).

وعلى هذا كان دعاة الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” في بعوثهـم ورحلاتهم الدعويـة يتمثلـون خلق نبيهم ﷺ عملاً بقوله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (9).

لقد كانت نظرتهم لتلك المعوقات الإيذان بالفرج والتمكين وكيف لا وقد كانت هذه حال خير الدعاة ﷺ عندما عاد من رحلته الدعوية إلى الطائف مهموماً مغموماً وقد لاقى من أهلها ما لاقى ومع ذلك جعل الله جل في علاه لنبيه ﷺ فرجاً، ومخرجاً، ونصره، وأظهره على من عاداه ولذا كان الصحابة والتابعون “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة مدركين لما سيواجهونه وواثقين بما سيؤول إليه أمر دعوتهم فالنبي ﷺ علَّم ” أصحابه “رضي الله عنهم” كيف يصبرون في مختلف الأمور وضروبها، فقد علمهم الصبر من أجل هذا الدين، والتضحية في سبيله” (10).

فآثروا الباقي على الفاني فتحملوا الأذى وصبروا، واحتسبوا فكل بلاء دون النار عافية فالإيذاء من بشائر النصر كما قال تعالى: (أَمْحَسِبْتُمْأَنتَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (11)، فمن صور الأذى الذي تعرض له الصحابة والتابعون “رضي الله عنهم” في رحلاتهم وبعوثهم الدعوية ما يلي:

1- القتـــــــــــــل :

عائق القتل من جملة الأذى الذي تعرض إليه الصحابة “رضي الله عنهم”  في رحلاتهم وبعوثهم الدعوية  ففي شهر صفر من السنة الرابعة من الهجرة قتل يوم الرجيع نفر من كبار الدعاة كانوا في طريقهم إلى عضل والقارة، لنشر الدعوة وتعليم الناس الاسلام (12).

وقد أظهر المنافقون الشماتة فقالوا” يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم أقاموا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم، فأنزل الله فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) (13).

وأنزل الله في أصحاب السرية قوله تعالى:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (14).

” ورغم ما أصاب الدعوة في صميم عملها بفقدان عدد من خيرة فرسانها في الرجيع، فقد واصل رسول الله ﷺ بث الدعاة ونشر الدعوة إلى الله في كل مكان في الجزيرة العربية، حيثما وجد بصيصًا من الأمل لقبولها وانتشارها، لا بدَّ من تبليغ دعوة الإسلام مهما غلت التضحيات، فلما قدم ﷺ وفد من قبائل رعل وذكوان وعُصية السلمية، وذكروا أن فيهم إسلاما وطلبوا منه معلمين يفقهونهم في الدين، ويعينونهم على المشركين من قومهم بزعمهم” (15). بعث الرسول  ﷺ بعض الدعاة إلى بئر معونة وقد ثبت في الصحيح أن الرسول ﷺ أرسل إلى نجد سبعين من خيار الصحابة  ”رضي الله عنهم”ممن عرفوا بالقرّاء وقد أمّر عليهم المنذر بن عمرو الخزرجي “رضي الله عنه”  فلما وصلوا بئر معونة وحرّة بني سليم من أرض عامر بن الطفيل، بعثوا حرام بن ملحان “رضي الله عنه” بكتاب النبي ﷺ إلى ابن الطفيل الذي غدر بهم فأمر بقتل رسولهم إليه الذي طعن في ظهره برمح فصاح: اللّه أكبر فزت ورب الكعبة، وكذا الأمر بالنسبة لباقي القراء عدا عمرو بن أميّة الضمري “رضي الله عنه” الذي كان قد تأخر عن إخوانه وقد عاد عمرو بن أميّة “رضي الله عنه” بالخبر الأليم إلى رسول اللّه ﷺ بالمدينة (16).

“وقد تألم النبي ﷺ لأجل هذه المأساة، ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام معدودة  تألماً شديدا، وتغلب عليه الحزن والقلق، حتى دعا على هؤلاء القوم والقبائل التي قامت بالغدر والفتك في أصحابه “رضي الله عنهم”” (17).

فعنْ أَنَسٍ “رضي الله عنه” قَالَ: ” قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ الْقُرَّاءُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺحَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ” (18).

2- التهديد والترهيب :

من صور الإيذاء التي تعرض لها الصحابة “رضي الله عنهم” في رحلاتهم وبعوثهم الدعوية التهديد والترهيب والإغراء، فمن ذلك ما كان من أمر مبعوث سعد بن أبي وقاص “رضي الله عنه” في معركة القادسية وذلك عندما طلب رستم قائد جيش الفرس من سعد بن أبي وقاص “رضي الله عنهم” أن يبعث له رجلاً آخر غير ربعي بن عامر وحذيفة بن محصن “رضي الله عنهم”  فبعث المغيرة بن شعبة “رضي الله عنه” فتكلم بكلام حسن طويل فبعد أن وجد رستم أن كل من بعثهم سعد “رضي الله عنه” على قلب رجل واحد من الصدق والشجاعة قال رستم للمغيرة “رضي الله عنه” : ” إنما مثلكم في دخولكم أرضنا كمثل الذباب رأى العسل فقال : من يوصلني إليه وله درهمان ؟ فلما سقط عليه غرق فيه ، فجعل يطلب الخلاص فلا يجده ، وجعل يقول : من يخلصني وله أربعة دراهم؟ ومثلكم كمثل ثعلب ضعيف دخل جحرا في كرم ، فلما رآه صاحب الكرم ضعيفا رحمه فتركه ، فلما سمن أفسد شيئا كثيرا فجاء بجيشه، واستعان عليه بغلمانه، فذهب ليخرج فلم يستطع لسمنه ، فضربه حتى قتله ، فهكذا تخرجون من بلادنا. ثم استشاط غضبا ، وأقسم بالشمس لأقتلنكم غدا . فقال المغيرة “رضي الله عنه”: ستعلم . ثم قال رستم للمغيرة”رضي الله عنه” : قد أمرت لكم بكسوة، ولأميركم بألف دينار وكسوة ومركوب وتنصرفون عنا . فقال المغيرة “رضي الله عنهم” : أبعد أن أوهنا ملككم وضعفنا عزكم ؟ ! ولنا مدة نحو بلادكم ، ونأخذ الجزية منكـم عن يـد وأنتـم صاغـرون ، وستصـيرون لنا عبيـدا على رغمكـم . فلمـا قـال ذلك استشاط غضبا” (19).

هكذا كان بعوث الصحابة “رضي الله عنهم” أقوياء أشداء في الحق لا تغريهم المغريات ولا ترهبهم التهديدات ولا تأخذهم في الله لومة لائم فهم ينشدون ما عند الله.

3- السب والسخرية :

ومن صور ما تعرض له الصحابة “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة من أذى ما كان من رجل سبَّ ابن عباس ــــ رضي الله عنهما ــــ المرتحل إلى مكة فلمَّا فرغ، قال ابن عباس : يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحى (20).

وقالت جارية لأبي الدرداء “رضي الله عنه” المرتحل إلى الشام: إني سممتك منذ سنة فما عمل فيك شيئاً فقال: لم فعلت ذلك ؟ فقالت: أردت الراحة منك، فقال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله (21).

وسبه رجل فقال: يا هذا، لا تغرقن في سبِّنا، ودع للصلح موضعًا، فإنَّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه([22]).

” والصحابة “رضي الله عنهم” لهم مواقف كثيرة جدًّا، لا يستطيع أحد أن يحصرها؛ لأنهم “رضي الله عنهم” باعوا أنفسهم، وأموالهم، وحياتهم لله، ابتغاء مرضاته، وخوفًا من عقابه، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة” (23).

ومن صور المحن ما تعرض له التابعي الجليــــــــل أويس القرني “رضي الله عنه” المرتحـــــل للكوفــــــــة فقد روي عـــــن ” أسير بن جابر “رضي الله عنه”، قـــال : كان بالكوفــة رجل يتكلــم بكــلام لا أسمــع أحدا يتكلم به ففقدته، فسألت عنه، فقالوا : ذاك أويس. فاستدللت عليه وأتيته فقلت : ما حبسك عنا ؟ قال: العري، قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه، قلت : هذا برد، فخذه . قال: لا تفعل، فإنهم إذا يؤذونني. فلم أزل به حتى لبسه. فخرج عليهم، فقالوا : من ترون خدع عن هذا البرد؟ قال: فجاء، فوضعه. فأتيت فقلت : ما تريدون من هذا الرجل، فقد آذيتموه، الرجل يعرى مرة، ويكتسي أخرى، وآخذتهم بلساني” (24).

قــال ابــن القيِّــم ــــ رحمه الله ــــ : “… والمقصـود أن بحسـب متابعــــــة الرســــــــــول تكون العــزة    والكفاية والنصرة، كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والفلاح والنـــجاة ، فالله سبحانــــــه علــــق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى، والأمن، والفلاح، والعزة، والكفاية، والنصرة، والولاية، والتأييد، وطيب العيش، في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار، والخوف، والضلال، والخذلان، والشقاء، في الدنيا والآخرة” (25).

*   *   *

المطلب الثاني

ظهــــــور البـــــــــدع وكيفية التعامل معها

من المعوقات التي واجهت الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” في رحلاتهم الدعوية ظهور كثير من البدع، والنبي ﷺ كان ” إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ: (( أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ…)) (26).

وكان عصر الخلفاء الراشدين “رضي الله عنهم” وعصر الدولة الأموية  قد شهد ظهور كثيرٍ من البدع قال شيخ الاسلام  ابن تيمية ـــــ رحمه الله ـــــ:” لما قُتِل الخليفة المظلوم الشهيد وافترقت الأمة بعده على خلافة الخلفاء الراشدين “رضي الله عنهم” نَبغ في آخر خلافة النبوة بدعتانِ متقابلتانِ تقابل المغضوب عليهم والضالّين: الخوارج يُكفِّرون الخليفتين ومن تولاّهما، يُحِلُّون دماءَ أهل القبلة، ويفعلون بأهلِ الإيمان فعلَ اليهود بالنبيين؛ والروافض يَغْلون فيمن يَستحقُّ الولاية والمحبَّةَ، فيُطْرونَه إطراءَ النصارى، حتى وَصفوا البشرَ بالإلهية، وألحقوا الأئمة بالمرسلين. فتولَّى أميرُ المؤمنين عقوبة الطائفتين: بقتالِ الطائفة الممتنعة من المارقين، وقَتْل المقدورِ عليه من الغالين، والتعزير بجَلْدِ المفترين. ثمَّ لما صارتِ الجماعةُ على الأقذاء، وانصرف عن ضبطِ دقيقِ الدين وعنايةِ الأمرِ في أواخرِ عصر الصاحبيين حدثتْ أيضًا بدعتان متقابلتانِ: بدعة القدرية والمرجئة على منهاج الأولين” (27).

  • من صور البدع وأماكن ظهورها:

ظهرت البدع في كثيرٍ من الأمصار التي ارتحل إليها الصحابة “رضي الله عنهم” دعاة وناصحين قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــــ رحمه الله ــــــ : “فإن الأمصار الكبار التي سكنها أصحاب رسول الله ﷺ وخرج منها العلم والإيمان خمسة: الحرمان والعراقان، والشام. منها خرج القرآن والحديث والفقه والعبادة وما يتبع ذلك من أمور الإسلام، وخرج من هذه الأمصار بدع أصولية غير المدينة النبوية. فالكوفة خرج منها التشيع والإرجاء وانتشر بعد ذلك في غيرها، والبصرة خرج منها القدر والاعتزال. والنسك الفاسد وانتشر بعد ذلك في غيرها، والشام كان بها النصب والقدر، وأما التجهم فإنما ظهر من ناحية خراسان وهو شر البدع، وكان ظهور البدع بحسب البعد عن الدار النبوية، فلما حدثت الفرقة بعد مقتل عثمان “رضي الله عنه” ظهرت بدعة الحرورية، وأما المدينة النبوية فكانت سليمة من ظهور هذه البدعٍ وإن كان بها من هو مضمر لذلك، فكان عندهم مهانا مذموما. إذ كان بها قوم من القدرية وغيرهم ولكن كانوا مقهورين ذليلين بخلاف التشيع والإرجاء في الكوفة والاعتزال وبدع النُّساك بالبصرة والنصب بالشام فإنه كان ظاهراً” (28).

“وقد ابتدع الناس علوماً لم تكن تعرف فيما سلف منها: علم الكلام، والجدل، وعلوم المقاييس، والنظر، والاستدلال على سنن الرسول ﷺ بأدلة الرأي والمعقول ومنها إيثار علم العقل والرأي والقياس على ظواهر القرآن وعلى الأخبار ومنها: إظهار الإشارات بالمواجيد من غير علومها ولا بيان تفصيلها، وفي ذلك تحيير للسامعين وإضلال للعاملين وإنما كان العلماء بهذا العلم يظهرون علوم المواجيد، ويخفون الإشارة بالوجد فيظهرون للناس ما ينفع ويخفون ما يضر ولأن المواجيد أحوال قلوبهم فكتمها أفضل وعلومها أنصبة المريدين والعاملين فإظهارها هو البغية لهم فأظهروه وأخفوا وجدهم لأنه سرّ لهم فسلموا من التصنع والدعوى وأعطوا السامعين نصيبهم ومنعوهم ما ليس لهم فعدلوا في الوصفين معاً ففضلوا في الحالين جميعاً فجهل هذا الآن فأظهر ضده وكان إلى الضرر أقرب ومن السلامة أبعد” (29).

  • البدع وأثرها على رحلات الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” الدعوية:

كانت البدع من المعوقـات التي واجهها الصحابــــة والتابعون “رضي الله عنهم” في رحلاتهــــم الدعوية وكانوا “رضي الله عنهم” يعلمون عواقب هذه البدع المحدثة فالبدعة”  لا يقبل معها عبادة من صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا غيرها من القربات ومجالس صاحبها ينزع منه العصمة ويوكل إلى نفسه، والماشي إليه وموقره معين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها! وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بعدا.. وعلى مبتدعها إثم من عمل بها، وليس له من توبة، وتلقي عليه الذلة والغضب من الله، ويبعد عن حوض رسول الله ﷺ ويخاف عليه أن يكون معدودا في الكفار الخارجين عن الملة  وسوء الخاتمة عند الخروج من الدنيا ويسود وجهه في الآخرة، ويعذب بنار جهنم  وقد تبرأ منه رسول الله ﷺ وتبرأ منه المسلمون، ويخاف عليه الفتنة في الدنيا زيادة إلى عذاب الآخرة” (30).

فعن عائشة ـــــ رضي الله عنها ـــــ ، أن رسول الله  ﷺ قال : (( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) (31).

“قال النووي  ــــ رحمه الله ــــ : ” قوله : رد قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود، ومعناه : فهو باطل غير معتد به . وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه ﷺ  إنه صريح في رد كل البدع والمخترعات” (32).

  • كيفية تعامل الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” المرتحلين للدعوة مع أهل البدع:

كان الصحابة “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة يعادون أهل البدع قال البغوي ــــ رحمه الله ــــ : ” وقد مضت الصحابة والتابعون”رضي الله عنهم” وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا، مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم” (33).

قال أبو موسى الأشعري”رضي الله عنه” أحد الصحابة المرتحلين للدعوة : ” لئن يجاورني أهل بيت من يهود ، ونصارى ، وقردة ، وخنازير أحب إلي من أن يجاورني صاحب هوى يمرض قلبي” (34).

وكان طاوس الهمداني “رضي الله عنه” أحد التابعين المرتحلين للدعوة جالساً هو وطلق بن حبيب، فجاءهما رجل من أهل الأهواء، فقال: أتأذن لي أن أجلس؟ فقال له طاوس “رضي الله عنه”: إن جلست قمنا. فقال: يغفر الله لك أبا عبد الرحمن. فقال: هو ذاك إن جلست والله قمنا فانصرف الرجل. (35)

وكان الصحابة والتابعون “رضي الله عنهم” المرتحلون للدعوة يحذرون من مخالطة أهل البدع فمن ذلك ما جاء عن مبعوث عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” لتعليم أهل البصرة عمران بن حصين “رضي الله عنه”  عن أبي الأسود الدؤلي “رضي الله عنه” قال: “قدمت البصرة، وبها عمران بن الحصين صاحب رسول الله فجلست في مجلس، فذكروا القدر، فأمرضوا قلبي، فأتيت عمران بن حصين “رضي الله عنه” فقلت: يا أبا نجيد: إني جلست مجلسًا فذكروا القدر فأمرضوا قلبي، فهل أنت محدثي عنه؟! فقال: نعم: تعلم أن الله – عز وجل- لو عذب أهل السماوات وأهل الأرض لعذبهم حيث يعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم، ولو كان لك مثل أحد ذهبًا فأنفقته ما تُقُبِّل منك حتى تؤمن بالقدر كله، خيره وشره” (36)

وعن أبي حصين، عن أبي صالح ، عن ابن عباس “رضي الله عنهم” قال : “لا تجالس أهل الأهواء ، فإن مجالستهم ممرضة للقلوب” (37).

ومن شواهد المعوقات البدعية التي تعرض لها الصحابة والتابعون”رضي الله عنهم” في رحلاتهم الدعوية ما جاء عن أم الدرداء ــــ رحمها الله ــــ قالت : “دخل عليّ أبو الدرداء “رضي الله عنه” وهو مغضب فقلت ما أغضبك فقال والله ما أعرف من أمة محمد ﷺ شيئا إلا إنهم يصلون جميعاً” (38)

وعن زيد بن وهب”رضي الله عنه”  قال: سمعت ابن مسعود “رضي الله عنه” يقول: ” إنكم في زمان : كثير فقهاؤه، قليل خطباؤه، قليل سؤاله، كثير معطوه، العمل فيه قائد للهوى، وسيأتي من بعدكم زمان : قليل فقهاؤه، كثير خطباؤه، كثير سؤاله، قليل معطوه، الهوى فيه قائد للعمل، اعلموا أن حسن الهدي، في آخر الزمان، خير من بعض العمل” (39).

وعن أبي عون عن أبي إدريس الخولاني “رضي الله عنه” قال: “لأن أرى في المسجد ناراً لا أستطيع إطفاءها، أحب إلي من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها” (40).

وبهذا يتضح كيف كانت البدع أحد المعوقات التي واجهها الصحابة والتابعون”رضي الله عنهم” في رحلاتهم الدعوية وكيف كان التحذير من مجالسهم ومخالطتهم. ” فالابتداع في الدين من أخطر ما يهدد دين المسلمين، فإن حقيقته هدم للدين، وقدح في جناب خاتم المرسلين، واغتصاب لحق التشريع الذي هو من حقوق رب العالمين، وإفساد للعبادة المتقرب بها إلى رب الأولين والآخرين، وتشويه للدين الخالد، وصد عن سبيله المستقيم، وطريق إلى تشتيت الأمة ووقوع الخلاف والشقاق بين أبنائها وجعلهم مزقا شتى كل حزب بما لديهم فرحون، وكفى بالبدعة بؤسا وضلالا أن محدثها متعرض للطرد من رحمة الله التي وسعت كل شيء” (41).


[1] ــــ  مما قاله الربعي بن عامر لقائد الفرس رستم، انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 9/623.

[2] ــــ  سورة الأنعام : الآية 112 .

[3] ــــ سورة آل عمران ، الآية: 186.

[4] ــــ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، ص160.

[5] ــــ الفوائد لابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية ، بيروت، الطبعة الثانية، 1393 ه ، ص 208.

[6] ــــ سورة التوبة، الآيـــــــة : 32.

[7] ــــ سورة الأنفال، الآية : 30.

[8] ــــ سورة القلم، الآيـــــــة : 4.

[9] ــــ سورة الأحزاب، الآية : 21.

[10] ــــ    الأخلاق الإسلامية، حسن السعيد المرسي، مكتبة المتنبي، السعودية، الطبعة الثانية، 1427هـ، ص 197.

[11] ــــ    سورة البقرة، الآية: 214.

[12] ــــ    انظر: قوارب النجاة في حياة الدعاة، فتحي يكن، مؤسسة الرسالة، بيروت، د ط،، 1397هـ، ص23. والرجيع نسبة إلى ماء يعرف اليوم باسم « الوطية » يقع شمال مكة على قرابة سبعين كيلا، قبيل عسفان إلى اليمين، في طرف شامية بن حمادي من الشمال، بسفح حرة بني جابر الجنوبي  (انظر: إلى معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق الحربي ص138) .

[13] ــــ    سورة البقرة، الآية : 204 .

[14] ــــ    انظر: البداية والنهاية لابن كثير 4/77، والآية من سورة البقرة، رقم : 207 .

[15] ــــ    السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة، بريك العمري، دار ابن الجوزي، الرياض، الطبعة الأولى، 1417هـ    1/238، قال المؤلف : ” جمعا بين رواية قتادة في البخاري التي تقول: “فزعموا أنهم أسلموا واستمدوا على قومهم”، ورواية مسلم ولفظها “فقالوا: ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة” .

[16] ــــ    انظر: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ﷺ، عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن حميد، دار الوسيلة، جدة، الطبعة الرابعة، 1/315 ،وقصة يوم الرجيع وبئر معونة وردت عند ابن هشام، السيرة 3/ 165- 167.

[17] ــــ    الرحيق المختوم للمباركفوري، 1/268 .

[18] ــــ    أخرجه الإمام البخــاري، كتاب الجنائــز، باب من جلــس عند المصيبــة يعرف فيــه الحـزن، ح   1238، 1/437.

[19] ــــ    البداية والنهاية لابن كثير، 9/624.

[20] ــــ    انظر:  إحياء علوم الدين للغزالي، 3/178.

[21] ــــ    المرجع السابق، 2/220.

[22] ــــ    انظر: إلى أدب الدنيا والدين للماوردي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1407 هـ، ص 252.

[23] ــــ    دروس إيمانية في الأخلاق الإسلامية، خميس سعيد، مكتبة عبدالرحمن، القاهرة، الطبعة الأولى، 1429هـ، ص 89.

[24] ــــ    انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي، 4/23 .

[25] ــــ    زاد المعاد في هدي خير العباد، 1/39.

[26] ــــ    أخرجه الإمام مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، ح876، 2/592.

[27] ــــ    جامع المسائل لابن تيمية، تحقيق: محمد عزير شمس، دار عالم الفوائد، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1422 هـ، 5/37، وقد سبق بيان بعضاً من صور تطبيقات الصحابة والتابعين “رضي الله عنهم” المرتحلين للدعوة بهدف إحياء سنة المصطفى ﷺ انظر: ص 162 من هذه الدراسة.

[28] ــــ مجموع فتاوى ابن تيمية، 20/303.

[29] ــــ قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد، محمد بن علي الحارثي، المحقق: عاصم الكيالي،  دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1426 هـ، 1/280.

[30] ــــ الاعتصام للشاطبي، 1/107 .

[31] ــــ صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، ح1718، 3/1344.

[32] ــــ شرح النووي على مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ح 1718، 12/381.

[33] ــــ    سورة الذاريات الآيات : 1-2.

[34] ــــ    الإبانة الكبرى لابن بطة، حققه: رضا معطي وآخرون، دارة الراية، الرياض، د ط ، د ت ، 2/468، ومما يدل على أن هذا كان في رحلة أبي موسى الدعوية أن الراوي ليث بن أبي سليم كوفي محدث وأحد علماء الكوفة ، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ، 6/179.

[35] ــــ    الإبانة الكبرى لابن بطة ، 1/ 447، ومما يدل على أن هذا كان في رحلة طاوس الدعوية أن طلق بن حبيب بصري وأحد من روى عن طاوس انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 4/601 .

[36] ــــ    الشريعة للآجري، 2/848.

[37] ــــ    المرجع السابق، 1/453. ومما يدل على أن هذا كان في رحلة ابن عباس الدعوية أن أبا حصين أحد من روى عن ابن عباس ومن أئمة الكوفة، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 5/413 ، وأما أبو صالح السمان فقد ذكر الذهبي في سيره أنه كان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة (5/37) .

[38] ــــ    أخرجه الإمام البخاري، أبواب صلاة الجماعة والإمامة، ح 622، 1/162، ويدل على أن هذا كان في رحلة أبي الدرداء “رضي الله عنه” الدعوية لدمشق أن أم الدرداء هذه هي جهيمة الحميرية الدمشقية، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي4/278.

[39] ــــ الأدب المفرد للبخاري، باب الهدى والسمت الحسن، ح 785، ص257، حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص: 292) (609/789) وقال: ” الجملة الأخيرة أوردها الحافظ في “الفتح” (10/510) من رواية المؤلف وقال: “وسنده صحيح ، ومثله لا يقال من قبل الرأي” و(الهدي): السيرة والهيئة والطريقة. قلت: ويؤيد ما قال الحافظ مطابقة ما قبلها للواقع اليوم مما لا يعلم إلا بطريق الوحي ”  ويدل على أن هذا كان في رحلة ابن مسعود للكوفة أن الراوي زيد بن وهب كوفي وكان ممن قرأ القرآن على ابن مسعود انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي4/196.

[40] ــــ    السنة للمروزي، رقم 86، 1/32، ويدل على أن قول أبي إدريس هذا في رحلته الدعوية للشام أن الراوي هو أبو عون الأنصاري الشامي انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر 12/191.

[41] ــــ    البدع والمخالفات في الحج، عبد المحسن السميح وخالد العسيري و يوسف الحاطي، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، السعودية، الطبعة الأولى،  1423هـ، ص19 .